كٓتبتُ هذه المقالة قبل أكثر من خمس سنوات، وأجد أن معناها ومحتواها يستحق إعادة النشر من جديد🔁
أولاً .. نصف ريال يفرق -بكسر الراء- وليست يفرّق -بشد الراء- ولهذا وجب التنبيه قبل البدء ✔️
لابأس أيها الأحبة أن نخرج قليلاً عن الحديث عن اللغة الثانية ونتحدث في شيء يذكرنا بدورنا في الحياة والفلاح فيها.
الموقف الأول
في جمادى ثاني من عام 1431هـ كنت في السيارة مع أحد الأصحاب متوجهين إلى أحد الأماكن التي نقصدها عادةً ، وبعد لحظات أراد صاحبي أن نتوقف عند البقالة ليشتري مشروب غازي.. توقفت عند أقرب بقالة قريبة ونزل صاحبي من السيارة يريد شراء المشروب الغازي.. وقد عاد وهو يحمل معه علبتان مشروب غازي.. لاشيء جديد حتى الآن.. لكنه حينما وصل عند المحاسب أخبره بأن حساب العلبتان هو (3 ريال!) وصاحبي لايحمل معه إلا ريالين فقط، ظناً منه بأن سعر العلية ريال واحد فقط. لكنه تفاجئ بأن سعر العلبة أصبح (ريال ونصف) بدلاً من (ريال واحد) .. ولأن النصف كان له دور أساسي في الموضوع فقد أضطر صاحبي لأن يطلب مني ريال إضافي من أجل إتمام المبلغ.. أكملت له المبلغ واستلم صاحبنا العلبتين ومضينا في طريقنا ..
***
الموقف الثاني
عندما أراد صديقنا أحمد تسديد فاتورة هاتفه النقال في وسط شهر أغسطس الماضي، وجد أن فاتورته 180.50 ريال ، أصر أحمد أن يدفعها بدون النصف لتكون 180 فقط ، ولكن النظام رفض الطلب مباشرة حيث لايمكن سداد الـ180 ريال -على ضخامتها- بدون النصف ريال !، وأخيراً أقتنع أحمد بسداد المبلغ كاملاً وردد: “النصف ريال قبل ال180 حتى لا يقطعون علينا خدمة الجوال!!”
***
أيها السادة.. نصف ريال يفرق .!
فعلى الرغم من شكله النحيف..وبساطة صناعته..وحجمه المتواضع..ومفهومه المحتَقر عند الناس، لكنه حين تأتي الحاجة له ويفرض نفسه فإن قيمته محسوبة بل ومحسومة في قضايا كبيرة.
النصف ريال سريع التفلّت من الجيب، وقد لاتقرأ الكلمات المكتوبة عليه بوضوح، وربما لايهمك حتى أن تنظر إليه! وقد يكون متسخاً أكثر من غيره، لكن قيمته هي هي لن تنقص شيء ولو عكفت على إذاءه أياماً وليال!
وأقول.. هكذا هم بعض القوم، يحتقرون أنفسهم وأعمالهم أمام الآخرين ليجدوا أن قيمتهم زهيدة في المجتمع الذي يهتم بالمشاهير وفي الدنيا المتزاحمة هنا وهناك.. ولكن هؤلاء لا يعلمون أن لأعمالهم وجهودهم قيمة لا يمكن أن يغفلها أي شخص حينما تحين ساعة الصفر، وهذا تجلى لنا تماماً في الخمسين ههلة في القصتين السابقتين.
في الصدقة.. نصف ريال تفرق، ففي الحديث (رب درهم سبق ألف درهم)، فكيف بما هو دون الصدقة!
وهذا الأمر قد أشار إليه القرآن محذراً ومرغباً فقال الله تعالى {فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره} وفي حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (لاتحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق) حديث صحيح.